حكم تعجيل الزكاة للمنكوبين من أخواننا في بلاد الشام بسبب البرد و الشتاء

هل يجوز تعجيل الزكاة قبل وقتها لعام أو أكثر لأجل إغاثة الأخوة السوريين في مخيمات اللاجئين في لبنان و تركيا و غيرها من الأماكن التى يعانون فيها الحاجة الشديدة كما هو معلوم ، خاصة في هذا الشتاء القارص وبرد الثلوج التي تحيط بهم من كل مكان ، أفيدونا أفادكم الله تعالى ؟

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و بعد..

أولا : فإن إغاثة  إخواننا في بلاد الشام و في كل مكان فروا إليه من بطش النظام النصيري الكافر من أوجب الواجبات ، و ذلك بلا خلاف بين علماء الأمة ، لشدة حاجتهم للأساسيات التي يحتاجه الإنسان لحفظ نفسه ، و بذلك يتأكد الواجب و يعظم إثم المقصرين من القادرين من المسلمين لإغاثتهم و إنقاذهم لاسيما في هذه الأيام التي يأتي فيها الشتاء و هم في العراء أو المخيمات التي لا تصلح للمعيشة  و الدفء مع الثلوج التي تحيط بها  ، و التي مات بسببها الكثير من الأطفال .

و عليه فلايقتصر مورد الإغاثة على مورد الزكاة  ، لإن المقصود هو إغاثة الملهوفين من إخواننا في بلاد الشام  و المخيمات في لبنان وتركيا و غيرها ، و هذا يكون في الحال بكل ممكن مما يحتاجون إليه  لرفع الضرر عنهم بالزكاة و غيرها ،قال الله تعالى( و أنفقوا في سبيل الله و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) .

ثانيا : الأصل في الزكاة أن تخرج لوقتها ، و لكن يجوز الخروج عن هذا الأصل  بتعجيلها قبل وقتها ،على أن لايتجاوز التعجيل سنتين ، فقد عجّل النبي صلى الله عليه وسلم زكاة العباس بن عبد المطلب فاقترضها منه عامين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( يجوز عند جمهور العلماء ، كأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، تعجيل زكاة الماشية ، والنقدين ، وعروض التجارة ، إذا ملك النصاب ، ويجوز تعجيل المعشَّـرات قبل وجوبها ، إذا كان قد طلع الثمر ، قبل بدوّ صلاحه ، ونبت الزرع قبل اشتداد الحـبّ ) مجموع الفتاوى /25

و هذا الترخص في التعجيل بالزكاة قبل وقتها من الرفق . و لا يجوز الزيادة عن سنتين لما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم ، لأن الأصل أن الزكاة تكون لوقتها و الخروج عن الأصل بدليل فيكون بقدر ما ورد ، و الذي ورد سنتين و هي مدة كافية في تحقيق المقصود من إغاثة الملهوف و سد حاجته الطارئة .

 

 فعلى أهل اليسر و الدثور أن يسارعوا بتبرئة ذمتهم بما انشغلت بها من وجوب إغاثة أخوانهم في بلاد الشام و في مخيمات لبنان و تركيا و غيرها ، قال صلى الله عليه و سلم ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ) .

نسأل الله تعالى أن يرفع عن أهل الشام البلاء ، و أن يغيث ملهوفهم ، و أن يقوي ضعيفهم ، و أن ينصر مجاهديهم ، و أن ينزل بطاغية الشام عاجل نقمته ، و يشف صدور قوم مؤمنين .. اللهم آمين

 

المفتى أو المستشار: 
القسم العلمي - شبكة الدرر الشامية