ابن العلقمي .. رئيس الوزراء الشيعي المظلوم!

قد يتعجب البعض حينما يقرأ هذا العنوان الغريب، أيعقل أن يكون الخائن الغادر (ابن العلقمي) مظلومًا، وكل قراءاتنا السابقة المبنية على الدراسات التاريخية الموثقة، تؤكد وتصرّ على أن (ابن العلقمي) كان مجرمًا خائنًا غادرًا لمن وثق به، فعاد مرتدًّا يقطع اليد التي أحسنت إليه!
أقول: لا زلتُ أرى أن (ابن العلقمي) مظلوم، حينما وُصف بالخائن الغادر، ولم يتأمل من وصفه بالغدر والخيانة أمرًا مهمًّا قد يعود على بعض أهل السنّة بنفس هذا الوصف!
نعم..!
أعتقد أن سقوط بغداد عام 656هـ كان بالدرجة الأولى خيانة من قِبل مَن ينتسبون للسنّة، قبل أن يكون خيانة من قِبل (ابن العلقمي) الشيعي المذهب.
وفي اعتقادي أن هذا الأمر في غاية الوضوح والبساطة بحيث لا يُحتاج معه إلى أي برهان، فالخليفة العباسي كان من السنّة، وأغلب الفقهاء كانوا من أهل السنّة، والجميع كان يعرف جيدًا ملابسات الصراعات الطائفية، وما كان يحصل بين الكرخ (الحي الشيعي) وبين بعض أحياء بغداد السنية، كما لا أشك لحظة واحدة أن فقهاء السنّة والمثقفين العباسيين كانوا على اطلاعٍ عميق بالفقه الشيعي الإمامي الخاص بالموقف من الآخر، وعليه: فكيف يعين الخليفة مثل (ابن العلقمي) كوزير أعلى له؟! ولِمَ سكت الفقهاء والعلماء؟!
إنني لو سألت أي عاقلٍ بل نصف عاقل- عن رجلٍ أتى بكلبٍ مسعورٍ إلى داره، وأدخله على أطفاله الصغار بحضور كبار أهل الدار، ثم أغلق الدار على الأطفال وحدهم، وجعل الكلب يصول ويجول في الدار، ثم بعد برهة من الزمن وجدوا جميع الأطفال قتلى ممزقين أشلاءً!
يا سادة.. هل من المعقول أن يُوصف الكلب المسعور بالخيانة والغدر؟! أم أن صاحب الدار والعقلاء هم الذين خانوا الأمانة، وغدروا بالناس!
إنني أعتقد أن (ابن العلقمي) مظلوم، مثله مثل ذلك (الكلب المسعور)، فحينما وجدَ الفرصة مناسبة انقض على مُخالِفيه هتكًا وتمزيقًا، فلا لوم على (ابن العلقمي) الشيعي، لكن اللوم كله على من قربه وهو يعلم أن (ابن العلقمي) ليس إلا شيعيًّا مخلصًا وأمينًا لتعاليم التشيع، وأنه إنما طبق أخلاق مذهبه بكل أمانة وصدق، فأي لوم عليه؟!
إن سقوط بغداد عام 656هـ كان نتيجة لائتمان الخائن، والوثوق بالغادر، وتقريب الماكر، والوثوق بأهل التقية، والتاريخ يعيد نفسه، ولن يرحم هؤلاء الذين يحملون (الدريل الشيعي) أي رأس سني متى ما سنحت لهم الفرصة، حتى لو كان طفلًا سنيًّا رضيعًا!
أليس الخائن والغادر والمجرم مَن وثق بهؤلاء تحت التسامح، أو الوطنية، أو القومية، أو العلمانية، أو أي مسمى أو شعار؟
ابن العلقمي .. يقدم خدمات جليلة للإسلام
يتجنى على نفسه من يظن أن (ابن العلقمي) كان صوتًا نشازًا أو أنه اجتهد اجتهادًا فرديًّا حينما اتصل بالتتار وتحالف معهم سرًّا من أجل إسقاط الخلافة الإسلامية، وقتل ملايين المسلمين!
كلا يا سادة!
فقد كان الرجل يؤمن إيمانًا حقيقيًّا بأخلاق التشيع الإمامية التي تملي عليه أن يتظاهر بالموادعة والتسامح والإخلاص بالقول حينما تكون القوة بأيدي أهل السنّة، لكن حينما تحين الفرصة للانقضاض وتمزيق المسلمين حينها يجب أن يساهم كمؤمن مخلص بدوره الريادي كرئيس للوزراء.
فقد ذكر (قطب الدين اليونيني البعلبكي) أن (ابن العلقمي) كاتَبَ التتر وأطمعهم في البلاد وأرسل إليهم غلامه وأخاه بذلك. [1]
وذكر (الإمام الذهبي) أن (ابن العلقمي) استطاع أن يقطع أخبار الجند الذين استنجدهم بهم المستنصر، وأنه بذل جهده في أن يزيل دولة بني العباس ويقيم علويًّا، وأخذ يكاتب التتار ويراسلونه.[2]
وذكر (اليافعي) أن التتار دخلوا بغداد ووضعوا السيف واستمر القتل والسبي نيفًا وثلاثين يومًا، وقل مَن نجا، وسبب دخولهم أن ابن العلقمي كاتَبهم وحرَّضهم على قصد بغداد ليقيم خليفة علويًّا، وكان يكاتبهم سرًّا، ولا يدع المكاتبات تصل إلى الخليفة.
ثم ذكر (اليافعي) أن ابن العلقمي خدع الخليفة وأوهمه أن التتار يريدون عقد الصلح معه وحثه أن يخرج إليهم بأولاده ونسائه وحاشيته، فخرجوا فضربت رقاب الجميع، وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة، فتضرب أعناقهم حتى بقيت الرعية بلا راعٍ، وقتل من أهل الدولة وغيرهم ألفُ ألفٍ وثمانِ مائةٍ.[3]
ويقول المؤرخ الشيعي (نور الله الششتري المرعشي) ما نصه عن حقيقة الدور الذي لعبه ابن العلقمي: ( إنه كاتب هولاكو والخواجة نصيرالدين الطوسي، وحرضهما على تسخير بغداد للانتقام من العباسيين بسبب جفائهم لعترة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم).[4]
ويقول العالم الشيعي (الخوانساري) عند ترجمته لنصير الدين الطوسي ما نصه :
(ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم هولاكو خان، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، بإبادة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العامّ من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم دار البوار)! [5]
إن هذا التصرف من (ابن العلقمي) كان طبيعيًّا يمليه الإيمان الإمامي والأخلاق الشيعية، التي تحث على إظهار ما ليس في الباطن وخداع الآخرين من أجل مصلحة المذهب العليا!
فهذا إمام الشيعة المعاصر (الخميني) يقول بكل صراحة ما نصه: (إذا كانت ظروف التقية تلزم أحدًا منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله، إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي رحمهما الله).[6]
أما خدمة (نصير الدين الطوسي) فقد عرفها الجميع حينما قدم مع التتار لإبادة بغداد، أما خدمة علي بن يقطين للإسلام فندع بيانها لأحد علماء الشيعة (نعمة الله الجزائري) وملخصها كما ذكر: أن علي بن يقطين كان مسؤولًا في الدولة العباسية، وسنحت له الفرصة لقتل خمسمائة سني وصفهم بقوله: (جماعة من المخالفين) فقتلهم بأن هدم عليهم سقف السجن فماتوا كلهم، فأرسل يستفسر عن عمله عند إمامه المعصوم فأقره على عمله وعاتبه أنه لم يستأذن، وجعل كفارة كل رجل من أهل السنّة (تيسًا) وقال: والتيس خير منهم.[7]
يقول العالم الشيعي (نعمة الله الجزائري) معلقًا على هذه الحادثة:
(فانظر إلى هذه الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم [أهل السنّة] الأصغر وهو كلب الصيد، فإن ديته عشرون درهمًا، ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي). [8]
أرأيتم يا سادة!
لقد كان (ابن العلقمي) يؤدي خدمة للمذهب الشيعي الذي آمن به من كل أعماق قلبه، فلا لوم عليه ألبتة، لكن كل اللوم على الخليفة الذي جعل منه وزيرًا مؤتمنًا!
وللموضوعية العلمية، أقول: لم يكن (ابن العلقمي) وحده في تأدية الخدمات الجليلة للمذهب الشيعي، بل كان كل شيعة بغداد يؤدون الخدمات الجليلة!
فقد ذكر المؤرخ (رشيد الدين الهمداني) والمؤرخ (أبو المحاسن) أن الشيعة في: الكرخ، والحلة، وبغداد، خرجوا في استقبل هولاكو استقبال الفاتحين الأبطال، والتحق كثير من الشيعة بجيش المغول، وأقاموا الأفراح ابتهاجًا بهم![9]
ومن الخدمات الجليلة التي قدمها (نصير الدين الطوسي) تلك الرسالة التي كتبها -بوصفه وزيرًا (لهولاكو)- إلى أهل السنّة في الشام، يهددهم فيها ويتوعدهم إن لم يدخلوا في طاعة التتار، أنه سوف يفعل بهم كما فعل في بغداد!!
يقول الطوسي: (اعلموا أنا جند الله، خلقنا من سخطه، فالويل كل الويل لمن لم يكن من حزبنا، قد خربنا البلاد، وأَيْتَمْنا الأولاد، وأظهرنا في الأرض الفساد، فإن قبلتم شرطنا، وأطعتم أمرنا، كان لكم مالنا، وعليكم ما علينا).[10]
وهذا عميد طائفة الشيعة في بغداد وقت سقوطها الشهير (بابن طاوس) -والذي يذكرنا بآية الله السستاني- يعلن عن فرحته بدمار دولة الإسلام ويسميه فتحًا، ويترحم على هولاكو. حيث يقول: (يوم ثامن عشر محرم وكان يوم الاثنين سنة 656هـ فتح ملك الأرض يقصد هولاكو- زيدت رحمته ومعدلته ببغداد).[11]
وذكر المؤرخ (ابن الطقطقي) أن (ابن طاوس) أصدر فتوى لهولاكو يفضل فيها العادل الكافر على المسلم الجائر!![12]
ويقول العالم الشيعي (علي العدناني الغريفي) معلقًا على هذه الحادثة: (وقد نال ابن طاوس بفتياه هذه مقامًا كبيرًا في نفس الكافر المحتل).[13]
ومكافأة له قام هولاكو بتعيينه مرجعًا للشيعة، يقول (ابن طاوس) نفسه: (ولم نزل في حمى السلامة الإلهية، وتصديق ما عرفناه من الوعود النبوية، إلى أن استدعاني ملك الأرض هولاكو- إلى دركاته المعظمة جزاه الله بالمجازات المكرمة في صفر، وولاني على العلويين والعلماء والزهاد، وصحبت معي نحو ألف نفس ومعنا مِن جانبه مَن حمانا إلى أن وصلت ;الحلة; ظاهرين بالآمال). [14]
وذكر (ابن مطهر الحلي) أن أباه والسيد محمد ابن طاوس والفقيه ابن أبي العز، أجمع رأيهم على مكاتبة هولاكو، بأنهم مطيعون داخلون تحت دولته. وأن هولاكو سألهم: لماذا تخونون خليفتكم؟!
فأجابه والد (ابن مطهر الحلي) بأن رواياتهم المذهبية تحثهم على مبايعتك وخيانة الدولة السنية، وأنك أنت المنصور الظافر!
ويعلق (ابن مطهر الحلي) على قصة والده: (فطيب قلوبهم وكتب فرمانًا باسم والدي يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها).[15]
إذن يا سادة.. ليست القضية سطحية وساذجة، ليقال: خيانة (ابن العلقمي)! وكأنه وحده هو الخائن من تلقاء نفسه وعندياته، بل الرجل والطائفة ومراجعها قامت بخدمات جليلة يحث عليها التشيع وتؤكدها النصوص الدينية الشيعية.
ابن العلقمي .. المؤمن الصادق
لم يكن (ابن العلقمي) إلا ذلك الشيعي المؤمن المخلص لمذهب يطبقه كما قرره كبار علماء الشيعة الإمامية تجاه المخالفين لهم.
فهذا الشيخ المفيد -شيخ الشيعة في عصره- يقول حاكيًا إجماع الشيعة في موقفهم تجاه المخالفين: (اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار، وأنّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم، فإن تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب، وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان، وأن مَن مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار). [16]
وهذا علّامتهم ومحققهم عبدالله شُبر، يبيِّن حُكم جميع الفرق الإسلامية -حتى المسالمة منها- عند علماء الشيعة، فيقول:
(وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب، فالذي عليه جملة من الإمامية كالسيد المرتضى أنهم كفار في الدنيا والآخر، والذي عليه الأكثر الأشهر أنهم كفار مخلدون في الآخرة). [17]
وقال شيخهم وعلّامتهم نعمة الله الجزائري مبينًا حقيقة حجم الخلاف كما يراه هو- بين الشيعة والسنّة: (لم نجتمع معهم على إله ولا نبي ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربَّهم هو الذي كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم نبيَّه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول إن الرب الذي خليفةُ نبيِّه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا). [18]
وإذا كانت جميع الفرق الإسلامية المخالفة للشيعة هذه هي حالتهم، فماذا يترتب على ذلك؟ وبأي معاملة يمكن أن يتعامل معهم؟ يجيب علماء الشيعة فيقولون:
قال الخميني عن المسلم غير الشيعي:
(غيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين.. فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم). [19]
ثم أورد الخميني هذه الرواية: (عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون مَن خالفهم. فقال: الكف عنهم أجمل. ثم قال: يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغاة -أي أولاد زنا- ما خلا شيعتنا). [20]
فقال الخميني معلقًا على تلك الرواية: (الظاهر منها جواز الافتراء والقذف عليهم)! [21]
وقال شيخهم الأنصاري: (ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن -أي الشيعي- فيجوز اغتياب المخالف، كما يجوز لعنه). [22]
ونسبوا كذبًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم، والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس، ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة). [23]
وهذه الرواية صححها الشهيد الثاني[24] ، ومحققهم الأردبيلي[25] ، وعبدالله الجزائري [26] ، وقال بتصحيحها أيضًا محدثهم البحراني[27] ، ومحققهم النراقي [28]، وكذلك شيخهم الأنصاري[29]، ومرجعهم الأكبر الخوئي حيث قال: (قد دلت الروايات المتضافرة على جواز سب المبتدع في الدين ووجوب البراءة منه واتهامه)[30].
كما صححها أيضًا- مرجعهم الكلبايكاني[31] ، ومرجعهم محمد سعيد الحكيم[32]، و الروحاني[33]، والطريحي [34]، وعلامتهم المجلسي [35].
قال مرجعهم المعاصر الخوئي: (ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، واتهامهم، والوقيعة فيهم: أي غيبتهم، لأنهم من أهل البدع والريب. بل لا شبهة في كفرهم). [36]
ثم قال بعدها: (الوجه الثالث: أن المستفاد من الآية والروايات هو تحريم غيبة الأخ المؤمن، ومن البديهي أنه لا أخوة ولا عصمة بيننا وبين المخالفين). [37]
وقال سيدهم الروحاني: (جواز غيبة المخالف من المسلّمات عند الأصحاب). [38]
ويقول شيخهم الصادق الموسوي معلقًا على رواية منسوبة للسجاد تشبه ما نسبوه لنبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الإمام السجاد يجيز كل تصرف بحق أهل البدع.. من قبيل البراءة منهم وسبهم وترويج شائعات السوء بحقهم والوقيعة والمباهتة، كل ذلك حتى لا يطمعوا في الفساد في الإسلام وفي بلاد المسلمين وحتى يحذرهم الناس لكثرة ما يرون وما يسمعون من كلام السوء عنهم هكذا يتصرف أئمة الإسلام لإزالة أهل الكفر والظلم والبدع فليتعلم المسلمون من قادتهم وليسيروا على منهجهم)! [39]
أقول: انظر كيف يحث هذا الشيخ الشيعي عموم الشيعة للسير على منهج السب وترويج شائعات السوء والوقيعة والكذب على الآخرين، والبراءة من المسلمين المخالفين لهم!
ابن العلقمي والتقية .. وقابلية الآخر للاستغفال
كيف يمكن لدعاة الإصلاح المزعوم، أو لأي دولة سنية أن تأمن هؤلاء وهم يؤمنون بعقيدة (التقيَّة) تلك العقيدة الاستراتيجية، والمبدأ المتجذر في أعماق أعماقهم، والمستقر في سويداء قلوبهم، وهم يتواصون به جيلًا بعد جيل، وصغيرًا عن كبير، حتى أصبح فِطرة فُطروا عليها، إذا تركوها ولن يفعلوا- فكأنما تركوا الدين كله، أو بتروا أصلًا أصيلًا من تركيبتهم الشخصية التي تنعدم بانعدام التقيَّة!
فهم يروون الروايات المتواترة والمستفيضة بزعمهم- عن أئمتهم وشيوخهم التي تحث على إظهار ما لا يبطنون، وأن تلك السجية والأخلاق عمود دين التشيع، ورأس الأمر فيه، وكلما كان الشيعي مخاذلًا مخاتلًا كلما كان أكثر تشيُّعًا وإيمانًا وإخلاصًا.
فعن الصادق يروون أنه قال: (إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له).[40]
وروَوْا عن الرضا أنه قال: (لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقية له، إن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية).[41]
بل يرتبون على (التقيَّة) أعظم الأجر، وأنها أفضل عبادة تقدم في مذهب التشيع، ويسمونها (الخبء) أي إخفاء حقيقة النوايا الخبيثة في أعماق النفس، وأيضًا إخفاء حقيقة نوايا أهل التشيع تجاه (الآخر) لأن التشيع دين قائم على السرية والكتمان!
فقد رووا عن الصادق أنه قال: (ما عُبِدَ الله بشيءٍ أحب إليه من الخبء، قيل: وما الخبء؟ قال: التقية).[42]
وعنه أيضًا قال: (إنكم على دِين مَن كتمه أعزّه الله ومن أذاعه أذلّه الله).[43]
ويوجبون (التقيَّة) في دار أهل السنّة التي يسمونها (دار التقيَّة) وأن الشيعي لو حلف وأقسم مئات بل آلاف المرات على أنه إصلاحي ووطني ومخلص، وأن الولاء كله عنده للحاكم السني وللوطن وللوطنية، فلا تثريب عليه إذا ما أبطن خلاف ذلك.
فعن الصادق أنه قال: (استعمال التقية في دار التقية واجب، ولا حنث ولا كفارة على مَن حلف تقية).[44]
وعن الصادق أيضًا- أنه قال: (عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعله شعاره ودثاره مع مَن يأمنه لتكون سجيته مع مَن يحذره).[45]
وقال الشيخ (بهاء الدين العاملي) : (المستفاد من تصفح كتب علمائنا، المؤلفة في السير والجرح والتعديل، أن أصحابنا الإمامية ..كانوا يتقون العامة [يقصد أهل السنّة] ويجالسونهم وينقلون عنهم، ويظهرون لهم أنهم منهم، خوفًا من شوكتهم، لأن حكام الضلال منهم).[46]
ثم يبين الشيخ (بهاء الدين العاملي) أنه كانت الضرورة غير داعية إلى (التقية) عندها يسلك الشيعي مع المخالف على غير ذلك المنوال، ولذا يجب أن يكون الشيعي في غاية الاجتناب لهم، والتباعد عنهم،. لأن الأئمة -عليهم السلام- كانوا ينهون شيعتهم عن مجالستهم ومخالطتهم، ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلاة، ويقولون: إنهم كفار، مشركون، زنادقة، وكتب أصحابنا مملوءة بذلك.[47]
وهذا شيخهم (الصدوق) يقول: (اعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها بمنزلة من ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة).[48]
ويقول علامتهم (العاملي): (الأخبار متواترة صريحة في أن التقية باقية إلى أن يقوم القائم).[49]
ويقول إمامهم في هذا العصر (الخميني): (وترك التقية من الموبقات التي تلقي صاحبها قعر جهنم وهي توازي جحد النبوة والكفر بالله العظيم).[50]
ثم يبتكرون نوعًا جديدًا من التقية الخاصة بالشيعة وهي (التقية المداراتية) والتي تمثل وجهًا دعائيًّا للتشيع، من خلاله يمكن للتشيع أن يخترق الصف السني، ويتلاعب بمن يسمون بدعاة التقارب أو الإصلاح تحقيقًا لمصلحة التشيع العليا!
فهذا (الخميني) يعدّد أنواع التقية ويذكر أن منها (التقية المداراتية) وعرَّفها بقوله: (وهو تحبيب المخالفين وجر مودتهم من غير خوف ضرر).[51]
وقال: إن التقية واجبة من المخالفين، ولو كان مأمونًا وغير خائف على نفسه وغيره.[52]
ويقول شيخهم (محسن الخرازي): (وقد تكون التقية مداراةً من دون خوفٍ وضررٍ فِعْليٍّ لجلب مودة العامة والتحبيب بيننا وبينهم).[53]
ويقول علامتهم (دستغيب): (ومنها التقية المستحبة وتكون في الموارد التي لا يتوجه فيها للإنسان ضرر فِعْلِيّ وآنِيّ، ولكن من الممكن أن يلحقه الضرر في المستقبل، كترك مداراة العامة ومعاشرتهم).[54]
فأي تقارب أو إصلاح أو إخلاص للوطنية يمكن أن يتحقق مع من يؤمن بعقيدة السرية هذه.
ختامًا..
أكرر القول: إن سقوط بغداد عام 656هـ كان نتيجة لائتمان الخائن، والوثوق بالغادر، وتقريب الماكر، والوثوق بأهل التقية، والتاريخ يعيد نفسه، ولن يرحم هؤلاء الذين يحملون (الدريل الشيعي) أي رأس سني متى ما سنحت لهم الفرصة، حتى لو كان طفلًا سنيًّا رضيعًا!
يا سادة.. هل من المعقول أن يُوصف الكلب المسعور بالخيانة والغدر؟! أم أن صاحب الدار والعقلاء هم الذين خانوا الأمانة، وغدروا بالناس!
أليس الخائن والغادر والمجرم مَن وثق بهؤلاء تحت التسامح، أو الوطنية، أو القومية، أو العلمانية، أو أي مسمى أو شعار؟
—---------------------------------------------------—
[[1 انظر: ذيل مرآة الزمان سبط ابن الجوزي ( 1/85)
[2] دول الإسلام (2/118).
[3] مرآة الجنان (ج4/137 -138).
[4] مجالس المؤمنين (ص400).
[5] روضات الجنات ( 6/300).
[6] الحكومة الإسلامية (ص142).
[7] الأنوار النعمانية: (2/308).
[8] الأنوار النعمانية(2/308).
[9] جامع التواريخ (1/259). النجوم الزاهرة( 7/49).
[10] مخطوطة في مكتبة كلية الآداب جامعة بغداد: (رقم 975).
[11] إقبال الأعمال- ابن طاوس (ص586).
[12] الفخري (ص17)
[13] مقدمة بناء المقالة (ص18).
[14] إقبال الأعمال ( ص568).
[15] سفينة النجاة- عباس القمي: (1/568).
[16] أوائل المقالات في المذاهب والمختارات- محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد (ص51 -52) دار الكتاب الإسلامي - بيروت.
[17] حق اليقين في معرفة أصول الدين- عبدالله شبر (ص510) مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
[18] الأنوار النعمانية- نعمة الله الجزائري (2/279)، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت لبنان.
[19] المكاسب المحرمة - الخميني (1 / 251) الطبعة الثالثة 1410هـ، مطبعة إسماعيليان، قم.
[20] المكاسب المحرمة (1 / 251).
[21] المكاسب المحرمة (1 / 251).
[22] كتاب المكاسب- الأنصاري (1/ 319) الطبعة الأولى 1415هـ، مطبعة باقري، قم.
[23] الكافي- الكليني: (2/360 ).
[24] مسالك الأفهام (14/434).
[25] مجمع الفائدة (13/163).
[26] التحفة السنية (ص31).
[27] الحدائق الناضرة (18/164).
[28] مستند الشيعة (14/162).
[29] المكاسب (1/353).
[30] مصباح الفقاهة (1/281).
[31] الدر المنظور (2/148).
[32] مصباح المنهاج (ص359).
[33] فقه الصادق (14/296).
[34] مجمع البحرين (3/343)
[35] بحار الأنوار (72/235).
[36] مصباح الفقاهة (1/504).
[37] مصباح الفقاهة (1/505).
[38] فقه الصادق (14/345).
[39] نهج الانتصار (ص 152). وانظر: تنبيه الخواطر (2 / 162)، وسائل الشيعة (11 /508).
[40] البحار (66/486)، (75/394،399،423)، (79/172)، (80/267). والخصال (1/14). والمحاسن (ص259). والكافي (1/217)، (2/217). والوسائل (16/204،215 ).
[41] البحار (75/395) وكمال الدين (ص 346) ونور الثقلين (4/47) ومنتخب الأثر(ص220).
[42] البحار (75/396) ومعاني الأخبار (ص 162) والوسائل (16/207،219).
[43] البحار (75/397)، والمحاسن (ص412)، وجامع الأخبار(ص 257)، ورسائل الخميني (2/185).
[44] البحار (75/394-395)، والخصال (2/153) وعيون أخبار الرضا ( 2/124) والوسائل ( 15/49،50).
[45] البحار (75/395)، وأمالي الطوسي (ص 299).
[46] مشرق الشمسين- الشيخ بهاء الدين العاملي (273-274).
[47] مشرق الشمسين- الشيخ بهاء الدين العاملي (273-274).
[48] الاعتقادات (114).
[49] مرآة الأنوار (ص337 ).
[50] المكاسب المحرمة (2/162).
[51] الرسائل للخميني (2/174 ).
[52] الرسائل ( 2/201 ).
[53] بداية المعارف الإلهية (ص430 ).
[54] أجوبة الشبهات (ص 159).
- قرأت 1536 مرة