الموقف الشرعي الصحيح من وفاة أهل البدع والضلال (البوطي، مثالًا)

إن المسلم الحق كما يحزن لموت العلماء والدعاة إلى الله، يفرح بهلاك أهل البدع والضلال، خاصة إن كانوا رؤوسًا ورموزًا ومنظرين، يفرح لأن بهلاكهم تُكسر أقلامُهم، وتُحسر أفكارُهم التي يلبِّسون بها على الناس، ولم يكن السلف يقتصرون على التحذير من أمثال هؤلاء وهم أحياء فقط، فإذا ماتوا ترحموا عليهم وبكوا على فراقهم، بل كانوا يبيِّنون حالهم بعد موتهم، ويُظهرون الفرح بهلاكهم، ويبشر بعضهم بعضًا بذلك.
ففي صحيح البخاري ومسلم يقول صلى الله عليه وسلم عن موت أمثال هؤلاء: ((يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب))؛ فكيف لا يفرح المسلم بموت مَن آذى وأفسد العباد والبلاد؟!
لذلك لما جاء خبر موت المريسي الضال وبشر بن الحارث في السوق قال: لولا أنه كان موضع شهرة لكان موضع شكر وسجود، والحمد لله الذي أماته..(تاريخ بغداد: 7/66) (لسان الميزان: 2/308)
وقيل للإمام أحمد بن حنبل: الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن أبي دؤاد، عليه في ذلك إثم؟ قال: ومن لا يفرح بهذا؟! (السنة للخلال: 5/121)
وقال سلمة بن شبيب: كنت عند عبد الرزاق -يعني الصنعاني-، فجاءنا موت عبد المجيد، فقال: (الحمد لله الذي أراح أُمة محمد من عبد المجيد). (سير أعلام النبلاء: 9/435) وعبد المجيد هذا هو ابن عبدالعزيز بن أبي رواد، وكان رأسًا في الإرجاء.
ولما جاء نعي وهب القرشي - وكان ضالًّا مضلًّا- لعبد الرحمن بن مهدي قال: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه. ( لسان الميزان لابن حجر: 8/402)
وقال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية 12/338) عن أحد رؤوس أهل البدع: (أراح الله المسلمين منه في هذه السنة في ذي الحجة منها، ودفن بداره، ثم نقل إلى مقابر قريش، فلله الحمد والمنة، وحين مات فرح أهل السنة بموته فرحًا شديدًا، وأظهروا الشكر لله، فلا تجد أحدًا منهم إلا يحمد الله).
هكذا كان موقف السلف رحمهم الله عندما يسمعون بموت رأسٍ من رؤوس أهل البدع والضلال، وقد يحتج بعض الناس بما نقله الحافظ ابن القيم في (مدارج السالكين: 2/345) عن موقف شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية من خصومه حيث قال: (وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكَّر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم وقال: إني لكم مكانه ...). ومن تأمل ذلك وجد أنه لا تعارض بين الأمرين؛ فمن سماحة شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا ينتقم لنفسه؛ ولذلك عندما أتاه تلميذه يبشره بموت أحد خصومه وأشدهم عداوة وأذى له = نهره وأنكر عليه، فالتلميذ إنما أبدى لشيخه فرحه بموت خصمٍ من خصومه، لا فرحه بموته لكونه أحد رؤوس البدع والضلال.
وبالأمس قُتل أحد علماء الضلالة (محمد سعيد رمضان البوطي)، وفرح بذلك أهلُ التوحيد والإيمان؛ وكيف لا يفرحون بهلاك من أفتى طاغية الشام بقتل شعبه، وشبَّه جنود نظامه النصيري بالصحابة، وقال عن أبيه الهالك حافظ الأسد: مليء قلبه إيمانًا، وظلَّ سبعين عامًا معاديًا لأهل التوحيد، ومناصرًا لأصحاب البدع والخرافات من القبوريين وغيرهم؟! إلى غير ذلك من تخبطاته وشطحاته.
فمن هذا حاله؛ ألا يُفرح بموته؟!
وفي مقابل هذا الفرح، -مع الأسف- حزن آخرون وأسفوا لذلك ودعوا الله أن يخلف على المسلمين مثله! – لا أجاب الله دعاءهم - فأمثال هؤلاء يُخشى على دينهم؛ لأنه ما من مسلم يخشى الله ويغار على هذا الدين إلا ويفرح بهلاك مَن ببقائه هدم الإسلام، ومن بموته ينكسر معول من معاول هذا الهدم.
نسأل الله عز وجل أن يفرحنا بهلاك كل طاغية وكل من أعانه، وأن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، وأن يثبتنا على دينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
- قرأت 281 مرة